تساؤلات

من أغرب ما سمعته ولاحظته في السنوات الأخيرة في مصرنا الحبيبة أن يحصل الفاشل علي مكافأة ويساند العاجز ويفوز من تحوطه شبهات فساد..
وكأن الأوضاع اصبحت مقلوبة.. وأصبحت القاعدة هي الاستثناء ويحدث الآن أن يقفز هؤلاء إلي مواقع لا يستحقونها وينالون تأييدا من جماعات وأفراد لا يعملون إلا لصالحهم والشلل التي تحيط بهم.
ولا أدري كيف نجوب البلاد من خلال وزراء بحثا عن الاستثمار الأجنبي وطلبا لأموال تستثمر في بلادنا ونحن لدينا ما يكفي ولو احسن الاستثمار وتوافرت الظروف لحسن الإدارة.. والحلول التي تأتي من الخارج دائما مرة كالعلقم في كل شيء وتترك آثارا خطيرة علي حياتنا.. ولدينا الحلول في الداخل ولكننا نؤجل أو نهمل أو لا نهتم.. وأمامي صور عديدة.. وكنت أود ألا أخوض في هذا الموضوع بعد أن كاد القلم يتمرد من كثرة النداءات لمواجهة هذه الصور ولكن هناك صورا تتحدي وتخرج ألسنتها.. وأموالنا تحت أقدمنا ونهملها أو نسند إدارتها إلي أقل الناس خبرة وكفاءة وقدرة علي التعامل مع الظروف المحيطة بنا في ظل أزمة مالية عالمية وتحديات تفرض في نفسها علي العالم كله.
الأمثلة كثيرة.. ويصعب حصرها ولا تكفي عشرات بل مئات الصفحات لسردها.. ولكن آخر ما يلفت النظر حالة استفزازية لشركة أوشكت علي الافلاس.. ورئيسها يحصل شهريا علي اعانات وتسهيلات من الشركة القابضة لينفق علي مرتبات واجور العمال ويسدد الالتزامات العاجلة.. وبرغم سخاء الشركة القابضة وسدادها لمبالغ تجاوزت 62 مليون جنيه خلال ثلاث سنوات فإن هذا لم يظهر في نتائج أعمال الشركة التي تتراجع يوما بعد آخر وتوقفت عن سداد التأمينات.
وبلغت الحالة من السوء والتدهور والعجز ما حدث مؤخرا أن قام أحد المتعاملين معها أو شركة خاصة موردة بالحجز علي هذه الشركة والورش التابعة لها وفاء لمبالغ تصل إلي أكثر من 22 مليون جنيه ومن المؤسف ان خزانة الشركة القابضة للتشييد والبناء المشرفة علي هذه الشركة لاتزال مفتوحة ليس لتنفيذ أعمال أو استثمارات ولكن لسداد اخطاء ومبالغ كان يجب أن تسدد من النشاط الجاري لهذه الشركة وقد يكون الهدف الحرص علي العمال والموظفين.
ولكن لماذا قامت الشركة بالتجديد لرئيس مجلس الإدارة والمجلس ولديها هذا الكم الهائل من الأخطاء والتدهور في انجاز الأعمال وهو ما كان يكفل التدخل للمحاسبة والحساب وليس ضخ أموال إلي القربة المقطوعة ومن المؤسف ان الحلول التي تطرح هي نقل شعبة هذه الشركة وشركات أخري مماثلة لها من وزارة الاستثمار إلي وزارتي الري أو الزراعة وهو ما يعني تصدير المشكلة إلي الموازنة العامة للدولة التي لا تستطيع مواجهة نزيف الخسائر في هذه الشركات.
ووزارة الاستثمار تحاول أن تهدي هذه الشركات أو تلقي بها تهربا من مشاكلها وخسائرها وبعد أن عجزت عن علاجها أو اختيار قيادات لها..
ولا أعتقد ان الحل هو نقل التبعية من وزارة إلي أخري.. وبعد أن كانت هذه الشركات مملوكة لاتحادات العاملين المساهمين وعبرت ونقلت إلي وزارة الاستثمار وعادت مرة أخري إلي قطاع الأعمال العام وقيل ان السبب هو الانقاذ..
ومرت سنوات ولم يتم الانقاذ أو العلاج ثم يتم تصديرها إلي وزارتي الزراعة والري بعد أن عجزت وزارة الاستثمار والشركة القابضة عن اختيار القيادات القادرة علي الاصلاح والعلاج.. فهل هذا علاج.. والمجتمع والاقتصاد والمال العام هو الخاسر نتيجة عدم الدقة في اختيار القيادات التي قامت بالقضاء علي كل محاولة للاصلاح وعملت علي تطفيش كل القيادات والخبرات ولاحقتهم حتي الانفراد بالقرار في شركات خاسرة وعاجزة ليس عن عدم توافر خبرة أو امكانيات ولكن نتيجة عجز الإدارة.
وقد أخطأت وزارة الاستثمار في عدم مراجعة قيادات هذه الشركات ومنها شركة الكراكات المصرية التي اصبحت نموذجا للتدهور في الأداء والعجز عن سداد التزاماتها.
وليس العلاج اهداء الكوارث إلي وزارتي الزراعة والري التي لا تشعر بالترحيب أو السعادة لقدوم هؤلاء بما لديهم من أعباء وتراكمات..
ومن يحاسب من ارتكبوا هذه الأفعال.
وهل بلغت المجاملات والترضيات إلي حد الابقاء علي من ساهموا في اهدار المال العام علي هذا النحو. وهذه مجرد احدي الصور التي تطل علينا.. في عدم كفاءة الإدارة وعدم الحرص علي المال العام والاعتماد علي جهد وأموال شركات أخري يخلص عمالها وموظفوها ثم يتسرب ناتج أعمالهم إلي آخرين ليس لديهم القدرة علي حسن الأداء أو الحرص علي كفاءة الأداء أو الاستثمار الجيد ولم يحدث في تاريخ شركات قطاع الأعمال أن توجه احد الموردين المتعاملين معها إلي فروعها وقام بالحجز التحفظي عليها وفاء لدين علي هذه الصورة.
كل هذا بسبب المجاملات في اختيار القيادات أو الانشغال بأي شيء الا اصلاح الشركات.
ومرة أخري نؤكد الحلول لمشاكلنا في مصر والأموال في مصر.. والاستثمارات في مصر وليست خارج الحدود لو توافرت لها الكفاءة وحسن الإدارة والتركيز علي علاج مشاكلها.
كلمات لها معني
توقع الأسوأ
وستكون المفاجأة سارة
* نابليون بونابرت

تسلم يا محمد يا عسل على الموضوع الرائع

تقبل مروري